قاموس الشتائم المصرية

 

من كتاب

( قاموس الشتائم المصرية )

تأليف / عمرو المنشاوي 

دار إبداع 









إن المصريين طويلو الألسنة ..

نعم إنهم طويلو الألسنة ..    

كثيرو التندر ؛ قصيرو الفعال

                                 ابن إياس 







معنى الشتم

 

جاء في لسان العرب لابن منظور :

الشتم  : قبيح الكلام وليس فيه قذف . والشتم : السب .

والتَّشاتُمُ : التساب ؛ والمشاتمة : المُسابة .

وشاتمه فشتمه يشتمه : غلبه بالشتم .

ورجل شتَّامة  : كثير الشتم .

 

***

وجاء كذلك في اللسان :

والشَّتِيم  : الكريه الوجه . وكذلك الأسد . يقال : فلان شتيم المُحيا .

والاشتيام : رئيس الركاب .

والشتيم والشُتام والشُتامة :  القبيح الوجه . والشُّتامة أيضا : السيء الخلق .

وأسد شتيم : عابس .

وحمار شتيم : وهو الكريه الوجه القبيح .

وشُتْيمُ ومِشتْتَمُ  : اسمان .

 

***

من المعاني السابقة ؛ نستطيع أن نري الصورة كاملة للشاتم والمشتوم ؛ والشتيمة ؛ والحالة التي تجمعهما  . فالشاتم يسب بقبيح الكلام ؛ ويحاول أن يغلب المشتوم بكثير من الشتائم المتلاحقة ؛ فتجعله هذه الحالة كريه الوجه بسبب تشنج عضلات الوجه ؛ ومد الرقبة ؛ واتساع حدقة العين ؛ وهي صورة حيوانية في العراك والافتراس ؛ يحاول بها الحيوان أن يتضخم بهذا الشكل ليخيف من أمامه . فيتحول الشاتم بهذه الشتائم الي وجه قبيح منفر كالحمار ؛ لكنه يهاجم مثل الأسد ؛ عبوسا مخيفا . فتتم له الغلبة والرياسة كأنه رئيس المركب في بحر هائج ؛ يكون هو فيه الآمر الناهي .

تصديقا للمثل المصري : " الأبيحة ست حتتها " .

وعلي هذا فإن الشتم هو التحقير ؛ والذم ؛ والسخرية ؛ والاستهجان ؛ لأنها تؤدي دور الشتائم لكن بنسب وطرق  متفاوتة .

                                                 *** 


 

لماذا يشتم المصريون ؟

***

 

المصريون يشتمون لأسباب كثيرة  :

إذا أرادوا التحقير شتموا ؛ وأمعنوا في الشتم ؛ حتي أنهم يدنسون كل مقدس ؛ من أجل النيل من المشتوم ؛ فيشتمون الاب والأم والدين .

 وإذا أرادوا المدح والتعجب شتموا . فقالوا : يا ابن الذين ... ؛ وقالوا : يا ابن الإيه ...  والمقصود مدح الفعل بنسبته الي الإيه أو الذين ؛ وهم مجهولون مثلهم مثل العفاريت ؛ كأنهم يأتون بالعجائب مثلهم . وكذلك يقولون : يا ابن الَّ......

ويضعون ما عن لهم من الشتائم ؛ والمقصود أن الذي اتي بهذا الفعل العجيب مثله مثل أبن كذا وكذا .... لأن هؤلاء الذين شبهه بهم كانوا في ظروف سيئة وصعبة في الشارع أو الأماكن المرفوضة ؛ فيأتون بالعجب من أجل وضعهم هذا . مثلما قالوا : يا ابن الحرام .  فمن يفعل هذه الأفعال الجريئة في عرفهم لا يأتي الا ممن كان أبن زنا أو ربي في الشارع فرأي ما لم يره غيره .

 وإذا أرادوا التدليل شتموا . فيقول الأب لأبنه الوليد ؛ وهو فرح بقدومه يدلله :

" عملتها يا ابن الكلب " ؛ " عضها يا ابن الكلب " . والمعني أن الأب يراه كبيرا في عينه يأتي بأفعال كبيرة حتي أنه يخطيء مثل الكبار فيُشتم .

 وإذا تعمقت الصداقة شتموا . فقالوا : " كنت فين يا خول " أو " إيه ده يا عرص " , فيتقبل المشتوم هذه الشتائم  ؛ ويبتسم لها ؛ دلالة علي عمق الصداقة التي تجعله يتغاضي عن شاتمه ؛ بل هو عشم كبير جعله يبتسم للشتائم ؛ ومقدار من يشتمه عنده عظيم !

 وإذا تخاصموا شتموا . فيقولون : " ده أبن ستين كلب ما يستهلش "  ؛ مع أن الأب كان يدلل أبنه ويقول : عملتها يا ابن الكلب .  لكن أختلف الموقف فتحول التدليل إلي شتم .

 وإذا تصالحوا بعد هجرة وخصام شتموا . فيقول أحدهم للآخر : " أهلا يا معرص " . دليل أن الود قد رجع مرة أخري ؛ وأن الشتائم بينهما لم يعد لها مدلول إهانة ؛ بل هي العشم الذي رجع مرة أخري .

 وهم يشتمون إذا فشلوا ؛ ويشتمون إذا نجحوا . فيشتمون أسبابا وهمية أدت للفشل بديلة عن تقاعسهم وكسلهم . بل يشتمون أشخاصا ليس لهم علاقة بما حدث لهم . وإذا نجحوا يشتمون من أدعي أنه ساعدهم أو كان له الفضل في نجاحهم .

 وإذا ملوا الحياة وتعبوا شتموا ؛ وإذا شعروا بالظلم شتموا ؛ وإذا اعترضوا علي أي فعل شتموا ؛ وإذا غضبوا شتموا ؛ وإذا تسامحوا شتموا .

 لكل هذه الأسباب ؛ وأسباب أخري يشتمون .

هل معني هذا أن المصريين طويلو الألسنة كما قال أبن إياس عنهم ؟

نعم إنهم كذلك ؛ لكن بمعني الدفاع والمقاومة ؛ وليس بمعني سؤ الخلق . فهم أصحاب حضارة ؛ تغيرت عليهم الدول وتعاقبت الحكومات ؛ يعيشون في ظلم بيّن طيلة الوقت ؛ يكدحون من الشروق الي الغروب ؛ تعبت أنفسهم ؛ فكانوا يخرجون البخار المكتوم حتي لا ينفجر القِدر . وهو دفاعهم المعنوي ضد الظلم والغلاء والفُحش ؛ وسؤ المعاملة . ومن ناحية أخري تعددت الشتائم لديهم لتعدد المقدسات في حياتهم ؛ والتنوع الحضاري الذي صُفي فيهم علي مر التاريخ .

 فهم طويلو الألسنة كما يقول ابن إياس ؛ لأنهم لا يثورون علي الظلم إلا بعد صبر طويل ؛ وحمل ثقيل .

بماذا يشتمون ؟

 

هم يشتمون الأم كثيرا ؛ نظرا لمكانتها العظيمة ؛ وحرمتها شبه المقدسة ؛ فتكون الإهانة أبلغ وأعمق ؛ وجارحة ؛ وقد تقوم المعارك بسببها ويسيل فيها الدماء .

 ويشتمون الأب ؛ الراعي , الحامي ؛ الذي يحمل اسمه المشتوم ؛ فيشعر هذا الأبن المشتوم بالإهانة الحقيقية .

 ويسبون الدين لبعضهم ؛ وأكثر من يفعل ذلك ؛ هم اسافل الناس ؛ لأنهم قد وصلوا الي المرحلة النهائية أو القصوي في الشتائم . ولأن الدين يمثل عندهم قمة عالية لا يستطيعون الوصول اليها ؛ فقد شتموا به ؛ وتمسكوا بالقشور .

 أما الأعضاء الجنسية فقد اخذت حظها الوافر من الشتائم ؛ نظرا لرفعة الشرف ومكانته عندهم , فعند التشاتم بها كأنهم ينزعون الشرف من المشتوم لحظتها .

 ثم تأتي البلدان والأماكن بعد ذلك ؛ فيقولون : منوفي . يقصدون به البخل .

وإسكندراني ودمياطي وشرقاوي .

 ثم بعد ذلك يشتمون بكل شيء أمامهم ويشتقون منه صفة سيئة .

قاموس الشتائم الصغير

(  مقارنة بين شتائم الدول  )

 

 

اذا كانت الشتائم تعتمد في المقام الأول علي ثقافة البلد المحلية وحضارتها وعاداتها وتقاليدها ؛ فإذا تتبعنا بعض الكلمات في ثقافة بعض الدول العربية المحيطة بنا ؛ سنجد أن المعاني قد اختلفت ؛ وان الكلمة في دولة تقال بشكل عادي وتسبب الحرج في دولة أخري ؛ مما يثبت لنا أن الشتائم وليدة الثقافة والحضارة السائدة في بلد ما ؛ كما سنري :

 لبؤة :

هي أنثى الأسد في الفصحى، وتستعمل هكذا في كل بلاد العرب إلا في مصر حيث اكتسبت الكلمة معنى جد سلبي، لذلك تتجنب استعمال هذه الكلمة في التواصل مع أهل مصر، خصوصا مع السيدات منهن .

 وحوي يا وحوي :

حواء أم البشر وزوج أبينا آدم عليه السلام. وهذا الاسم لا يستعمل على الإطلاق في المغرب العربي الكبير لأن فعل "حوى يحوي" كان يستعمل في المغرب كناية عن الجماع، ثم أصبح يستعمل للدلالة على أقذع ألفاظ الجماع فيه، وهو فعل كثير الدوران في الشتائم المقذعة. فالمغاربة يتجنبون استعمال هذا الفعل. وعلى الرغم من أن اسم "حواء" ليس مشتقاً من فعل "حوى" بل من "الحياة"، إلا أنه أتى على وزن "فَعَّال" من صيغ المبالغة في العربية والدارجة المغربية، لذلك يتجنب المغاربة استعماله هو والفعل "حوى" وسائر مشتقاته .

لذلك تخفي المرأة المغربية وجهها حرجا  في مصر؛ إذا سمعت الأطفال يغنون في رمضان : " وحوي يا وحوي " الأغنية الرمضانية الشهيرة . مع أن الأغنية ليس لها علاقة بالحياة أو الجماع .

انما هي الملكة العظيمة " إياح حتب "  أو " إياحة "  . كانت الدولة المصرية القديمة الوسطي قد تفككت واحتلها الهكسوس ؛ وكانت إياح حتب ؛ زوجة ملك البلاد تاعا الثاني والتي حرضت زوجها علي رفع راية العصيان في وجه الغزاه ولكنه مات ؛ ثم أنطلقت بعده لأبنها الأكبرليستكمل مشوار أبيه ولكنه مات أيضا . ولم تهدأ عزيمة إياح حتب فدفعت بابنها الثاني أحمس الذي نجح فيما فشل فيه ابوه وأخوه وأنتصر وطرد الهكسوس وحقق الاستقلال .

ان إياح معناها " قمر " وحتب معناها " الزمان  " فهي " قمر الزمان " أما كلمة " وحوي " المصرية القديمة معناها : أهلا .

وتقديرا لكل ما فعلته خرج المصريون حاملين المشاعل  والمصابيح وهم يهتفون لها : وحوي ياوحوي إياحة . أي : مرحبا يا قمر الزمان . فأصبحت كلماتهم لها تحية لكل قمر يهل عليهم يحبونه .

  طابونة :

خبز الطابون هو خبز التنور لدى الفلسطينيين وكثير من المشارقة، وهو الخبز عند أهل تونس، ولا أدري فيما إذا كان لهذه الكلمة أصل فصيح أم لا، لكني أظن أن له علاقة بالطوب. واللفظة جد مقذعة في المغرب، و "الطَّبُّونة" في اللهجة السورية هي صندوق السيارة الخلفي التي توضع الأشياء فيه،؛ مما يعني أن الطابونة في المغرب العربي قد تعني قاعدة المرأة ؛ وهي في مصر لا تعني الا فرن الخبز .

 كُسكُس :

يعتبر في المغرب العربي الوجبة الرئيسية عندهم ؛ ويعبرون عنه بالطعام ؛ فيقولون مثلا : هات الكُسكُس . بمعني أحضر الطعام . وهو في مصر لا ينطق هكذا والا عُد من الشتائم تعبيرا عن فرج المرأة  ؛ انما يضاف اليه حرف الياء ؛ فيقولون : كُسكُسي .

 ممنوع الإنتصاب :

يستعملها التونسيين بمعني : ممنوع وقوف السيارات . و" محل انتصاب السيارات " هو موقف السيارات . لكن الانتصاب في اللسان المصري يعطي معني جنسي وهو إنتصاب العضو الذكري من أجل الجماع .

  طاح  :

تعني في اللسان الفلسطيني " جامع أهله " ؛ بينما طاح في المغرب وفي غيره من البلدان : سقط ووقع .

 بِشْت :

تعني في بلاد الشام  : " المخنث " أو " الديوث " وهي تقريبا كلمة تركية  ومن أمثال أهل الشام : " سلاح البشت مراية ومشط " . بينما تعني في السعودية :   " العباءة "  .

 فص :

تعتبر كلمة عادية في مصر بمعني جزء ؛ مثلا : فص الخاتم . أما في بعض البلاد العربية تعني : اخراج الصوت من الدبر  .

 

زميل  :

هي من الكلمات العادية جدا في مصر ؛ وتستخدم في الأغاني ؛ والحياة اليومية ؛ بمعني صديق وقريب . وتعني في كل الدول تقريبا نفس المعني ؛ الا أن المغاربة يمطون الفتحة فوق الزاي مطا يفضي بهم الي جعل الفتحة ألف مد ؛ ثم يقصرون ياء المد قصرا يفضي بهم الي جعل ياء المد كسرة ممالة  فيصبح :   " زامِل " وهو اللوطي عندهم .

 فحل  :

يقولون في مصر علي الرجل القوي : فحل . ويخاطبونه بذلك من قبيل المدح ولا حرج لديهم ؛ تشبيها له بذكرالجاموس في قوته . لكن في سلطنة عمان ؛ الفحل هو : " ذكر الرجل " وليس لها استخدام آخر غير ذلك لديهم . حتي لو سمعوا تعبير " فحول الشعراء " تغامزوا .

 التقبيل :

من الطريف أنك تجد في السعودية لافتات عليها " للتقبيل " ؛ وهي تعني

" للإيجار " . أما التقبيل في مصر يعني : البوسة ؛ بالعامية .

نتيجة هامة

 

من خلال دراستنا للشتائم التي توفرت ؛ وبعد الرجوع الي حكايات الشتائم وتاريخها ؛ وبعد عرض نموذج الشتائم المقارن بين الدول العربية . نستطيع أن نستخلص نتيجة هامة – في رأينا – أنه لايوجد مايسمي بالشتائم . لاتوجد قيمة سلبية – ان جاز التعبير – اسمها الشتائم . لأن الشتائم كانت تستمد مادتها من القيم الثلاثة العليا : الحق ؛ والخير ؛ والجمال .

فالشتائم ما هي الا سلب هذه القيم عند الشتم ؛ ومحاولة انزال القيم ؛ والأخلاق ؛ والمقدسات من علياءها لحظة الشتم . أما هي – الشتائم – فلا وجود منفصل لها ؛ لا كينونة لها . فلكل شتيمة حكاية ؛ كما سنعرف ؛ لولا هذه الحكاية ما كانت الشتيمة . وكل شتيمة في بلد ؛ هي مدح أو كلمة عادية في بلد آخر ؛ كما رأينا في قاموس الشتائم المقارن .

وعليه ؛ فإذا كانت الشتائم تستمد مادتها ؛ من سلب قيم الحق والخير والجمال ؛

فهي من مكونات هذه القيم العليا ؛ إذ تمثل الآفة الممرضة لهذه القيم ؛ ما أن تظهر – الشتائم –  علي السطح ؛ وتمرض القيمة وتهددها ؛ حتي يتم الالتفات

لهذه القيمة ومحاولة علاجها والحفاظ عليها ؛ من هذا العَرَضْ والمرض ؛ فيقول الناس للشاتم : عيب ؛ ما يصحش ؛ أو يشتمه المشتوم هو الاخر ؛ فتأكل الشتائم بعضها ؛ مثل السموم قليل منها يشفي المرض . أو يضربه المشتوم ؛ دفاعا عن نفسه ؛ ليسكته من الاهانة ؛ وهو في حقيقة الأمر يدافع عن القيم التي تعرضت لهذا العرض والمرض .

فهي في النتيجة النهائية ؛ عَرَضْ ؛ ما أن يبرأ منه الانسان ؛ إذا أتصف بالأخلاق الحميدة ؛ أو ابتعد عن الخلافات والمعارك التي تسبب الشتائم ؛ لم يعد لهذه الشتائم وجود في حياتنا؛ بل تصبح مرض نخاف ان يصيبنا  .

نماذج شتائم من القاموس


 ابن الرفضى :

 

هذه السبه او الشتيمه أو النقيصه التى يسب بها المصريون بعضهم بعضا , هى بالفعل سبه قويه ونقيصه . لكن من يسب من ؟ ولماذا ؟ وكيف ان هذه الشتيمه فى ظرفها التاريخى كانت لسان الادب المصرى , بل لسان التدين الصحيح ؟

فهى الشتيمه التى لها من البعد الدينى و التاريخى ما يجعلها تمثل الدرع الواقى والسلاح القاتل لمن يطعن به !

ولنبدأ من البدايه وهو الحكم الفاطمى لمصر ,وكانت مصر – ولازالت – بلدا سنيا , فاستعصت عقيدتها السنيه على التشيع عندما حكمها الشيعه الاسماعليون الفاطميون – الباطنيه الغلاه – ويومها كان الشعب المصرى السنى يغيظ حكام الشيعه فيهتف فى التظاهرات – لمعاويه بن ابى سفيان – الذى يكفره هؤلاء الشيعه ويكرهونه فيقول :

( معاويه خال المؤمنين ) !

لأن اخت  معاويه ( ام حبيبه ) هى احدى امهات المؤمنين , ولقد ظل شعب مصر – من ذلك التاريخ وحتى الان – يعبرعن رفضه للتشيع بجعل ( الرفض .. والرافضه ) سبه يرمى بها من يكره فيقول : ( يا ابن الرفضى _ الرافضى ) !

كراهيه واحتقارا للذين رفضوا خلافه ابى بكر وعمر وعثمان .

اذن هى سبه من السنى للشيعى ( المغالى الرافضى ) الذى يريد ان يجعله على مذهبه المغالى الكاره للصحابه والرافض لخلافتهم , فهى دفاع دينى وحائط سد ضد التشيع من مجتمع يحب كل الصحابه وآل البيت ولايكره ابدا . وقد حاولت الدوله الفاطميه استماله المصريين بكافه الطرق عن طريق الاغراق فى الاحتفالات والحلويات واطلاق الشيوخ فى المساجد لترويج المذهب الشيعى ولكن هيهات , لم يبعد هذا كله او بعضه , الشعب عن مذهبه السنى , حتى وصلت الينا سبه ( ابن الرفضى ) عبر الف سنه لتدل على الاستقامه الدينيه بل والخبره الدينيه لدى الشعب المصرى . فجاءت – كما اراها -  تعبيرا عن  لسان الادب الحقيقى مع الصحابه  ,بسب من يرفضهم . ثم جاء صلاح الدين الايوبى واقام الدوله الايوبيه , وانتصر للمذهب السنى الذى ايده المصريون .

 وهو حال عجيب من أحوال المصريين ان يصدر الأدب من قلة الأدب!


ابن القحبه :

 

هى من اسوأ الشتائم تقريبا التى تكاد تخرج الانسان من نسبه  لانها تعنى ان المشتوم بها هو( ابن الزانيه) كما سنعرف .

ففي لسان العرب :

قحب يقحب قُحابا وقحبا إذا سعل ؛ ويقال : أخذه سُعال قاحب .

ورجل قحب وأمرأة قحبة : كثيرة السعال مع الهرم ؛ وقيل هما الكثيرا السعال مع هرم أو غير هرم .

قيل للبغي قحبة ؛ لأنها  كانت في الجاهلية تؤذن طُلابها بِقُحابها ؛ وهو سعالها .

والقحبة الفاجرة ؛ وأصلها من السعال ؛ أرادوا أنها تسعل أو تتنحنح ترمز به .

 اذن القحب هو السعال , ووظيفه السعال كما انه تنبيه من المرأه البغى لمن تريده او تبتغيه فى الجاهليه .

اذن القحبه اصطلاحا : هى المرأه البغى الفاجره التى تقحب او تسعل او تتنحنح من اجل اعلام طالبها بهذا السعال !

فهو اعلام بالصوت . ولكن كيف وصل الينا واصبح شتيمه مصريه خالصه عندما اضاف اللسان المصرى كلمه ( ابن ) لتكون ( ابن القحبه ) ؟

لما دخل العرب مصر وتم فتحها على يد عمرو بن العاص , تمت هجرات عربيه كثيره الى مصر وتم استيطان مصر فانتقل التراث العربى مع هؤلاء بحلوه ومره . وقد يتضح الامر اكثراذا عرفت ان قوام جيش عمرو بن العاص البالغ حوالى اربعه الاف جندى كان من قبيله عك اليمنيه التى لها لسان عربى بلهجه مغايره للسان قريش فلا نستبعد ان تكون الكلمه اتت من  لدن هؤلاء ودخلت مصر واستقرت اول ما استقرت فى بلبيس حيث استقر الجيش العربى الفاتح , ونحن نسمع الفلاح حتى الان يشتم ويقول ( دى مره قحبه ) وهو يقولها هنا مثلما نطقها اللسان العربى الاول , كدليل على ورود الكلمه منهم !

وعندما انتقلت الكلمه الى العاصمه – الفسطاط – تحولت - بحكم كثره الاستخدام اللسانى فى العاصمه – الى ( ابن القحبه – وهو عيب فى الاصل حتى ينال الفرع عن وراثه وجداره فتكون الشتيمه اعمق وافعل ) ثم استقرت الكلمه الشتيمه وانتشرت , وهو ما يؤكده لنا الرحاله جوزيف بتس فى رحلته الى مصر والحجاز عندما كتب عن البغاء فى مصر فقال :

( وفى مصر هناك شوارع معينه ومواضع خاصه غاصه ببيوت الدعاره وقد تعودت الداعرات ان يجلسن عند ابواب بيوت الدعاره او ان يتجولن سافرات فى الشوارع وقد ارتدين افخر ثيابهن وبعضهن كن يلبسن قمصانا داخليه وسراويل حريريه وعباءات – كعباءات الرجال – من حرير  ويعقدن حول خصورهن احزمه حريريه ويضعن خناجر فى احزمتهن واغمده الخناجر غالبا ما تكون من فضه . وتضع كل واحده من هؤلاء الداعرات فوق راسها غطاء راس من قطيفه مزينا باللآلى الثمينه وغير ذلك من الحلى اللامعه وتغطى النسوه الاخريات غير الداعرات رؤسهن على الشاكله نفسها .  وتضفر الداعرات شعورهن فى ضفائر طويله تصل الى اعقاب اقدامهن , وقد علقن فى اطراف ضفائرهن اجراسا صغيره او اشياء شبيهه تحدث اصواتا عند ارتطامها باعقابهن اثناء سيرهن 


اسكندرانى : ميه مالحه ووشوش كالحه :

 

ليس المقصود من عباره السب السالفه , هو سب السكندرى نفسه ! لأننا لو تأملنا فى العباره نجدها تشير الى وصف السكندرى وهو جزء من مصر غير منفصل عنها فلا يجوز تعريفه وحده !

ثانيا : نجد ان التعريف يشير الى ما هو خارج عن حدود الاسكندريه . لأنه يعيب فى الماء المالح  والذى يأتى منه, والذى يأتى من الماء المالح هو الوجه الكالح المالح وليس العذب !

ومعروف ان مصر قد احتلت من ناحيه البحر . واشهر من دخلها من البحر هم الانجليز والفرنسيين , كذلك كان يأتيها كل الجنسيات عن طريق البحر , حتى اصبحت الاسكندريه من اشهر العواصم العالميه التى تأوى كثير من جنسيات العالم .

من هنا يأتى العيب والذم والسب في حق من نزل الاسكندريه من الغزاة والباحثى عن المال والثروات وهم الذين احتموا فى قنصليات بلادهم وقوانينهم , حتى اصبحت هذه القوانين هى الوجه الكالح الحقيقى الذى عانى منه السكندرى اولا والمصرى بوجه عام .

وتعد قصه العربجى والمالطى نموذجا لهذه الكلاحه الاستعماريه التى كانت ذريعه للاحتلال :

وقعت مذبحة الإسكندرية'' خلال عهد الخديوي توفيق في يونيو 1882، والتي حدثت بعد شهور قليلة من الثورة العرابية، وكانت شرارتها خناقة بين مواطن مصري اسمه ''السيد العجان'' يعمل ''عربجي'' وبين أحد الرعايا الأجانب المقيمين في الإسكندرية -مالطي-.

وكانت المشاجرة بسبب الخلاف على أجره الركوب؛ فما كان من المالطي إلا أن أخرج سكينا طعن بها العربجي المصري حتى الموت، وهنا ثارت حمية المصريين وعدوا ذلك انتهاكا واتسع نطاق الشجار حتي طال معظم أحياء المدينة وقتل في هذه الحادثة حوالي خمسين أوربيا و 250 مصريا .

واذا كانت هذه الحكايه قليل من كثير ؛ الا انها تأتى معبره عن مدى نفوذ  الامتيازات الاجنبيه فى الحياه المصريه وتزيد اكثر ما تكون فى الاسكندريه التى كانت تموج بجميع جنسيات العالم .

من هنا نفهم ان العباره الشاتمه ( ميه مالحه ووشوش كالحه ) انما جاءت من السكندرى نفسه علي لسانه  , اختزالا ضد كل عيوب المحتل , الذى اتى من هذه المياه المالحه !

فلا نجد مثلا من يقول : ( نيلى : ميه عذبه ووشوش حلوه ) !

لأنهم يعرفون ان كل مكان فيه الصالح والطالح , وكذلك من البديهى اهل اسكندريه , فلا دخل للماء العذب او المالح فى تغيير الوجوه , لان الجميع يشربون من ماء عذب واحد , فيتم لنا المقصود من السب والعيب هنا فى هؤلاء الذين اتوا غزوا ونهبا من البحر . الذى عبر عنه ايضا المثل المصرى : ( ما فيش حاجة تيجى من الغرب تسر القلب ) .

ثم ماذا حدث بعد ذلك ؟

كان لابد للسكندرى ان يتعامل مع هذه الجنسيات المختلفه اولا التى كانت تتاجر  بالغش والخداع والمماكسه , فتعلم اصول التجاره والمكسب حتى يستطيع ان يتعامل مع هؤلاء القوم , واصبح فاهما فهلويا يعرف من اين وكيف يأتى ( الجنى ) – الجنيه باللسان السكندرى . ثم كان لزاما عليه ان يتعامل مع هؤلاء القوم الذين منحوا امتيازات اجنبيه كانت تهضم حقه وتظلمه , فأصبح جريئا فى المطالبه بحقه . واخيرا كان لزاما عليه ان يتعامل مع المستعمر الذى يأتى اليه من البحر ويتلقى منه الضربه الاولى التى لابد ان تكون موجعه حتى يستطيع المستعمر ان يدخل البلاد فما كتبه عامر العقاد كمقدمه لكتاب( ضرب الاسكندريه فى 11 يوليو  ) ل عباس محمود العقاد ؛ يفسر لنا ما نقوله من تحمل أهل الاسكندرية الضربات الأولي الموجعة :

" لا شك فى ان 11 يوليو عام 1882 كان من احلك الايام التى مرت على مدينه الاسكندريه , بل على الامه المصريه كلها , فهو اليوم الذى اطلق الاسطول البريطانى فيه قذائفه على تلك المدينه الهادئه الوادعه , فكان العابر للطريق بها بعد ذلك اليوم الحالك السواد , يمر بأحيائها المختلفه العامره , فلا يقع ناظره الا على الاطلال والانقاض , ولا تقع عينه على بيت قائم بين عشرات البيوت المتداعيه او التى هدمتها طلقات المدافع البريطانيه الغاشمه بلا هواده او رحمه "

وفى نفس الكتاب يقول على لسان الامام محمد عبده :

" نحو 150 الفا من السكان مجردين من كل شىء أخذوا فى الحركه لغير قصد أو مأوى ؛ الموت والفزع ملء نفوسهم ؛ على شطوط المحموديه الى دمنهور , وجسر السكه الحديد من دمنهور الى القاهره , كانت المهاجره تكون خطوطا سوداء تاره عريضه واخرى رقيقه  , متحركه فى كل جهه اشبه بسلسله انسانيه طويله , هنا ينزلون , هناك يمشون ببطء  , لا وقايه ولا عيش "

هذا هو السكندرى الذى تعامل مع المياه المالحه والوجوه الكالحه , وكان عندما ينتقل الى اى محافظه اخرى او ينتقل اى مصرى الى الاسكندريه ويتعامل مع جرأه وشطاره السكندرى يحسب ذلك عيبا فيذمه , والاصل انه كان دفاعا يستحق الثناء . 


اللى ما يتسماش :

 

تسطيع ان تشتم من تبغضه وتقول : حمار ... كلب .. ابن كذا وكذا ... اى تعطيه من الاسماء المشينه ما ينقص من قدره . ولكنك فى النهايه قد اعطيته اسما – كلب , مثلا – وهذا الاسم يستدعى نوعا من الوجود والحضور , وهذا الحضور يستدعى مجموعه من الصفات , وان كانت تحمل كثيرا من الصفات السلبيه , الا انها كذلك لابد ان تحمل صفاتا ايجابيه !

فالكلب- مثلا – وان شتمت به احدا فى صفاته السلبيه , انه ضال , ويجامع انثاه فى الشارع , وينبح بصوت بغيض , ويخاف من ( تهويش ) الطوب . فهذا الكلب , كذلك , هو الذى يحمى البيوت , ويخلص لصاحبه , ويتبعه اينما ذهب !

ان كل اسم مهما كان يحمل من الصفات السلبيه الا انه لا بد ان يحمل كذلك صفاتا ايجابيه .

لكن العبقريه المصريه ابتكرت شتيمه لا تحمل صفاتا سلبيه قبيحه الا انها قد سلبت كل معنى على الا طلاق , فلما سلبت الاسم قالت " اللى ما يتسماش " اى الذى لا يحمل اسما على الاطلاق , ومن لا يحمل الاسم لا وجود له !

ونعرف قيمه الاسم , كما ذكر فى ( معجم المعبودات والرموز فى مصر القديمة ) :

" يشمل الأسم وجود صاحبه كله . ويحصل الناس والكائنات على وجودهم الحقيقى بالفعل من اللحظة التى يحملون فيها الاسم . وعلى ذلك كان الاسم أكثر من مجرد وسيلة للتعارف وتحديد الشخصيه , لأنه يعنى تجسيد الكينونه , أو ادراك النوع ,ومن هنا تأتى حقيقه ما يقال عن أوزيريس _ انه يطهر الأراضى باسمه باعتباره سوكر , والخشيه عظيمه من اسمه كأوزيريس , وهو يبقى حتى نهايات الأبديه باسمه باعتباره .. ون نفر .

وفى كتاب الموتى ( الفصل رقم 142 ) نجد ان اوزوريس له مائة اسم وهى فى حالته وفى حالة معبودات أخرى عبارة عن رمز للعمق الشديد للطبيعه المقدسه .....

وكان الاسم الحقيقى للاله هو " الخفى " .

وفى متون الاهرام ( أرقام 276 , 394 ) يذكر احد الالهه " ذلك الذى اسمه غير معروف "  ومعبود اخر اسمه " ذلك الذى لم تعرفه حتى امه " .

وكانت حياة كل شخص تعززها القوى السرية لاسمه . وتجرى احدى الحكم المصريه هكذا :  " من يذكر اسمه على الدوام فانه يبقى على قيد الحياه " ومن هنا فان اسماء الملوك والنبلاء كانت تكتب المره تلو الاخرى فوق الاثار, وفى النقوش كى تؤكد البقاء على قيد الحياة بعد موت أصحابها .

وعلى ذلك فان أسوأ عقاب كان يتم بازالة الاسم بواسطة لعن الاسم او محوه من الاثار .       ........................

والشخص الوحيد الذى يمكنه ان يلعن أو حتى يدمر القوى الشريرة الشيطانيه كان الشخص الذى يعرف أسماء تلك القوى .

وكان من المعتقد أن أرواح العالم الاخر يدفع ضررها بتلك الكلمات : اننى أعرفكم وأعرف أسماءكم " .

هكذا ورثنا قيمه الاسم من حضارتنا المصريه القديمه حتى تبلورت فى عباره التحيه التى يقولها من يقابل شخصا جديدا لأول مرة فيقول له : ( عاشت الأسامى ) . اى دام وجودك فى الحياة  ومن بعدك فى ولدك !

ونجد المعنى يتحقق كذلك فى الثقافه الاسلاميه . ففى سوره مريم الايه ( 7 ) يقول الله عز وجل : يَـٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَـٰمٍ ٱسْمُهُۥ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُۥ مِن قَبْلُ سَمِيًّۭا ﴿٧﴾

وللشيخ الشعراوى – رحمه الله – تفسيرا بديعا لهذه الايه , ويذكر فيها كذلك قيمة الاسم ودلالته  :

المتأمل لهذه القصة يجد هذه الآية قد اختصرت من القصة ما يفهم من سياقها ثقةً في نباهة السامع، وأنه قادر على إكمال المعنى، فكأن معنى الآية: سمع الله دعاء زكريا وحيثيات طلبه، فأجابه بقوله: { يازَكَرِيَّآ } .
وتوجيه الكلام إلى زكريا عليه السلام هكذا مباشرة دليلٌ على سرعة الاستجابة لدعائه، فجاءت الإجابة مباشِرة دون مُقدِّمات : إنا نبشرك .

 البشارة: هي الإخبار بما يسرُّك قبل أن يجيء ليستطيل أمدَ الفرح بالشيء السَّار، وقد يُبشرك مُساويك ويكذب في البُشْرى، وقد تأتي الظروف والأحداث مُخالفة لما يظنه، فكيف بك إذا بشّرك الله تعالى؟ ساعة أن تكون البشارة من الله فاعلم أنها حَقٌّ وواقعٌ لا شكَّ فيه.
وقوله: بغلام اسمه يحي ؛  أي: وسماه أيضاً. ونحن نعلم أن للبشر اختيارات في وَضْع الأسماء للمسميات، ولهم الحرية في ذلك، فواحدة تُسمى ولدها حرنكش هي حرة ؛ واخري تسمى ابنتها الزنجية قمر هي أيضاً حرة . 


إلا أن الناس حين يُسمُّون يتمنون في المسمّى مواصفات تَسرُّ النفس وتقرُّ العين، فحين نُسمِّي سعيداً تفاؤلاً بأن يكون سعيداً فعلاً، والاسم وُضِع للدلالة على المسمى، لكن، أيملك هذا المتفائل أن يأتي المسمى على وَفْق ما يحب ويتمنى؟ لا، لا يملك ذلك ولا يضمنه؛ لأن هناك قوة أعلى منه تتحكم في هذه المسألة، وقد يأتي المسمَّى على غير مُراده.
أما إذا كان الذي سمّى هو الله تعالى فلابد أن يتحقق الاسم في المسمَّى، وينطبق عليه، ولابُدَّ أنْ يتحقَّق مراده تعالى في مَنْ سَمَّاه، وقد سَمَّى الحق تبارك وتعالى ابن زكريا يحيى فلا بُدَّ أن تنطبق عليه هذه الصفة، ويحيى فعل ضده يموت، إذن: فهو سبحانه القادر على أن يُحييه، لكن يحييه إلى متى؟ وكم عاماً؟ الحياة هنا والعيش يتحقق ولو بمتوسط الأعمار مثلاً، فقد أحياه وتحققت فيه صفة الحياة
.
ولذلك استدل أهل المعرفة من تسميته يحيى على أن ابن زكريا سيموت شهيداً ليظل حياً كما سماه الله وقد كان ..

ويمكن أن نقول بهذا المعنى أيضاً في قصة يحيى عليه السلام، أنه يقع فيه شيء وهو: أن الله تعالى حينما قال في مسألة يحيى: لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً  واعتبرناها بمعنى المِثْل أو النظير والشبيه، فهذا يعني أنه لم يسبق يحيى واحد مثله في الصلاح والتقوى، فأين ـ إذن ـ أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام؟ وأين إسماعيل وإسحق؟
فهذا المعنى وإن كان السياق يحتمله في غير هذا الموضع إلا أنه لا يستقيم هنا؛ لأن الله تعالى جعل من قَبْل يحيى مَنْ هو أفضل من يحيى، أو مثله على الأقل.
أما المعنى الآخر فيكون:{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }[مريم: 65] أي: هل هناك مَنْ تسمى باسمه تعالي ؟ وهذا هو المعنى الذي يستقيم في قصة يحيى عليه السلام؛ لأنه أول اسم وضعه الحق سبحانه على ابن زكريا، ولم يكن أحدٌ تسمى به من قبل، أما بعده فقد انتشر هذا الاسم، حتى قال الشاعر:وسَمَّيتُه يَحْيى ليحيى .

ونقف هنا على آية من آيات الله في التسمية، حيث لم يجرؤ أحد حتى من الكفرة والملاحدة الذين يجاهرون بإلحادهم ويعلنون إنكارهم للخالق سبحانه، لم يجرؤ أحدهم أن يسمى ولده (الله)، وحرية اختيار الأسماء مكفولة، وهذا إنْ دَلَّ فإنما يدلُّ على أن كفرهم عناد ولَجَجٌ، وأنهم غير صادقين في كُفْرهم، ويعلمون أن الله موجود؛ لذلك يخافون على أنفسهم وعلى أولادهم أنْ يُسمّوا بهذا الاسم
إذن؛ كلمة (سَمِياً) في مسألة الألوهية تُؤخَذ على المعنيين، أما في مسألة يحيى فلا تحتمل إلا المعنى الثاني ..
وَهبْ أن الحق سبحانه وتعالى استعرض الأسماء السابقة فلم يجد في الماضي من سُمِّى (الله) فأعلنها تحدياً:{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }[مريم: 65]؟ فلم يحدث بعد هذا التحدي أنْ يُسمَّى أحد بهذا الاسم
  "  أهـ .

و اخيرا يتحقق المقصود من الأسماء ومعانى الاسماء فى أمثالنا الشعبية , فيقول المثل الشعبى القديم  :

" اسمك ايه ؟ قال اسمى عنبر . وصنعتك ايه ؟ قال سرباتى . قالوا خسرت الأسم بالصنعه ! "

والسرباتى كان قديما هو الذى كان ينقل ما فى الكنيف من فضلات الانسان . والمعنى : ليته لم يشتغل بهذه الوظيفه لأنه أضاع الاسم الجميل بالوظيفه المشينه ! وهذا ان دل على شىء فانما يدل على ان الاسم الجميل له وقع فى النفس وكأن الناس  يشمون هذه الرائحه العنبريه , فلما عمل فى حمل الفضلات تخيلوا من قوة اسم الوظيفه انهم يشمون رائحه كريهه !

وفى الموروث الشعبى , كذلك , اذا وقع الطفل الصغير تلحقه امه وتقول " اسم الله عليك "

اما اذا كان الولد والبنت فى ابهى الزينة والكمال , فتقول الام فورا "اسم النبى حارسك وصينك"

أما اذا كانت المرأة لايعيش لها أولاد ورزقها الله بولد – مثلا – فانها تسميه ( خيشه أو حرنكش ... الخ ) حتى يعيش , وكأن الاسم الجميل مع الوجه الجميل مدعاة للحسد , فاختارت له هذا الاسم الذى يصرف الأنظار عنه !



تعليقات